اللبنانيون يترقبون أحداث غزة ومخاوف من “التوريط”
وبعد المناوشات التي سُجلت على الحدود مع اسرائيل، على هامش عملية “طوفان الأقصى”، بدأ اللبنانيون يتخوفون من امتداد شرارة العملية العسكرية التي تشنها حركة حماس ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في شريط غزّة إلى جنوب لبنان.
فهل يتحمّل الوضع اللبناني الهشّ الدخول في مغامرة غير محسوبة النتائج؟ وهل يُقدم “حزب الله” على خطوة كهذه؟
يجمع الفرقاء اللبنانيين على اختلاف توجهاتهم وطوائفهم، منذ اللحظة الأولى على دعم حق الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه، فيما ارتفعت الأصوات المحذرة من “توريط لبنان” في هذه الحرب لا سيما في ظل الأوضاع الصعبة السياسية والاجتماعية والإقتصادية التي يرزح تحتها اللبنانيون .
على الصعيد الشعبي يبدو القلق واضحاً على الشارع اللبناني منذ ظهر يوم الأحد، بعد تعرض مرتفعات جبل الشيخ في شبعا الحدودية ضمن القطاع الشرقي جنوبي البلاد لصواريخ انطلقت من الأراضي اللبنانية والرد الإسرائيلي المباشر عليها حيث خلت الطرق منذ نهار الأحد من المارة إلا للضرورة، خصوصاً في المناطق والبلدات المحاذية للشريط الحدودي .
قلق واستعداد للأسوأ
على وقع حالة من القلق، بدأ البعض بالتزود بالمواد الغذائية والوقود، حيث تشكلت طوابير السيارات أمام محطات الوقود .
وتقول سارة (ربة منزل) في حديتها من الصعب جداً أن نتورط في هذه الحرب، فلا إمكانية للعائلات اللبنانية على الإستمرار أو التموين وتخزين المواد الغذائية كما كانت الحال في ظروف مشابهة”.
وترى غالية “أن السفر نحو تركيا أفضل طريقة لأننا كلبنانيين لا نحتاج بهذه الحالة إلى تأشيرات دخول”.
وتضيف أم خالد، مريم التي وصلت إلى لبنان لقضاء إجازة بالقرب من أهلها إنها تفكر بالعودة السريعة إلى إحدى الدول العربية التي تقيم فيها “خشية إقفال المطار في حال وقعت الحرب”.
إقفال جامعات ومدراس
مساء الأثنين، أعلن وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال في لبنان القاضي عباس الحلبي إغلاق المدارس في المناطق الحدودية التي تضم قضائي مرجعيون وبنت جبيل جنوب البلاد، تحسباً لاستمرار القصف جراء عمليات التسلل التي جرت من الجانب اللبناني بإتجاه الداخل الاسرائيلي .
كما توقفت الجامعة اللبنانية فرع الجنوب عن التدريس يوم الثلاثاء.
ومنذ اللحظة الأولى لبدء عملية “طوفان الأقصى”، بدأت المواقف السياسية في لبنان تعلو ويتم تناقلها على شبكات مواقع التواصل الإجتماعي وتتلخص فيما يلي :
التشديد على دعم ومؤازرة الشعب الفلسطيني في أرضه وكفاحه لتحصيل حقوقه المشروعة.
تشديد في الوقت عينه على ضرورة عدم توريط لبنان في أي اشتباك مع اسرائيل لأنّ طاقته على الاحتمال قد استنفدت.
يكفي لبنان أزمته السياسية المتفاقمة حيث يقف نظامه ودولته على حافة الإنهيار جرّاء الشغور الرئاسي وتداعي سلطة دولته، كما يكفي لبنان ما يعانيه جراء أزمته المالية والاقتصادية.
لبنان غير معني
اعتبر مؤسس “دار الحوار” المحلل السياسي بشارة خير الله،في حديث لموقع سكاي نيوز عربية أن “لبنان غير معني بأي حرب تراكم فوق نكباته نكبة إضافية”.
وقال خير الله “من حق أي شعب أو أي فئة من شعب، التعاطف الوجداني مع القضية الفلسطينية، لكن لا يحق لأحد، مهما علا شأنه في السياسة والعسكر، أن يزج لبنان في حرب لا تعنيه، ولن تستجلب له غير الويلات والمحن.”
وأضاف”لا بد من التذكير أن لبنان يلتزم بـ”حل الدولتين (اعلان بيروت 2002 )، كما يلتزم بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 (2006) الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية في لبنان ، ويطالب القرار حزب الله بالوقف الفوري لكل هجماته وإسرائيل بالوقف الفوري لكل عملياتها العسكرية الهجومية، وسحب كل قواتها من جنوب لبنان.”
وتابع “من الضروري أن يلتزم مبدأ تحييد لبنان عن صراعات المحاور، كما جاء في البند 12 من إعلان بعبدا عام 2012”.
وختم حديث “لبنان يحتاج إلى سياسات حكيمة تنتشله من الفراغ الذي يتمدد من الرأس إلى كامل الجسد، ولا يحتمل على الإطلاق أية مغامرة”.
الحيطة والحذر
من جهتها، بدأت سفارات غربية أبرزها السفارة الأميركية توجيه التحذيرات لرعاياها لاتخاذ الحيطة والحذر. كما ألغت السفارة الإسبانية في لبنان احتفالا كان معداً في هذه الفترة.
وتشهد المناطق الحدودية، يوم الثلاثاء، تدابير احترازية وسط نزوح بعض العائلات منها نحو أماكن أكثر أماناً.
وتحلق الطائرات الإسرائيلية منذ الصباح في الأجواء اللبنانية لا سيما المناطق الحدودية.