الهجمات الحوثية… إسقاط العتب عن أدوات إيران أم صناعة بطولة استعراضية؟
ونقلت وسائل إعلام أميركية عن قادة عسكريين أن السفينة (يو إس إس كارني) التابعة للأسطول الخامس، والموجودة في البحر الأحمر، تعرضت لعدة قذائف، متجهة نحو الشمال، دون تحديد مكان إطلاقها، إلا أن أياً من البحارة على متن السفينة لم يصب بأذى.
وتعد هذه العملية الأولى من نوعها، والتي يرجح أن الجماعة الحوثية تهدف من خلالها إلى إسقاط الحرج الذي يتعرض له ما يعرف بمحور المقاومة بقيادة إيران إزاء ما يحدث في غزة، لكنها تنسف جهود السلام في اليمن، وتعرض البلد لمخاطر الدخول في مواجهة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة الأميركية.
يرى اللواء محمد الشهاوي مستشار كلية القادة والأركان المصرية، أن هذه الصواريخ إيرانية الصنع وتم إطلاقها بأوامر من إيران لاستهداف إسرائيل في محاولة لتخفيف الضغط عن غزة، وتوسيع دائرة الصراع في المنطقة، بعد أن سعت الولايات المتحدة الأميركية إلى تحييد الأذرع العسكرية لإيران في المنطقة، والتي تلقت توجيهات إيرانية بتنفيذ مناوشات متفرقة.
ولن تذهب الولايات المتحدة أو إسرائيل إلى الرد على هذه الهجمات حالياً، في سعي منها للتهدئة مع إيران وأذرعها العسكرية، وتجنباً لتوسيع المواجهات بحسب اللواء الشهاوي؛ إذ إن انحيازها الكامل لإسرائيل يتجه إلى إبقاء المواجهات ضمن نطاق قطاع غزة الذي تنفذ فيه الأخيرة سياسة الأرض المحروقة، وما يفرضه ذلك من منحها فرصة للتفرغ لها.
صناعة بطولة
كان الحوثيون وقعوا في حرج بالغ أمام الرأي العام اليمني منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة؛ إذ تعرضوا لسخرية واسعة بعد عقدين من استخدامهم ذريعة مواجهة إسرائيل لتحقيق صعودهم ونفوذهم في اليمن، وطالبهم اليمنيون بإثبات مصداقية شعاراتهم.
إلا أن الخبير العسكري اليمني العميد ركن محمد الكميم، يعتقد بأن الحادثة أصلا لم تقع ويشكك في الاستهداف. ولا يتوقع الكميم امتلاك الميليشيات الحوثية إمكانات وقدرات عسكرية تمكنها من تنفيذ عملية مثل هذه، ويقول إن تنفيذ هجمات حوثية باتجاه الأراضي المحتلة (إسرائيل) يحتاج إلى امتلاك صواريخ «كروز» ذكية جداً وبعيدة المدى، بحيث يمكن توجيهها والتحكم بمساراتها كي تحلق على ارتفاعات منخفضة ولا تمر في الأجواء السعودية والأردنية.
وتزيد المسافة من على ألفي كيلومتر، وهو ما يمنع أيضاً من توجيه طائرات مسيرة يمكن التحكم بمسارها، فلا توجد طائرات مسيرة قادرة على قطع هذه المسافة.
ولن يثبت صحة وقوع هذه الحادثة إلا وجود رد فعل عسكري أميركي أو إسرائيلي على الحوثيين؛ إذ يؤكد الكميم أن عدم حدوث رد فعل على هذه العملية المزعومة حسب رأيه، يعني بحسب رأيه أن الولايات المتحدة أطلقت هذه المزاعم من أجل إثبات أن وجود قواتها العسكرية في المنطقة له ما يبرره، لمواجهة إيران وأذرعها العسكرية، وحماية أمن المنطقة والعالم منها.
ويضيف إلى تحليله أن إسرائيل هي من تنفذ هجماتها في المنطقة دون أن يكون لأدوات وأذرع إيران أي رد فعل عليها، محذراً من أن الولايات المتحدة من خلال هذه المزاعم تساهم في إنقاذ الحوثيين بعدما فقدوا مصداقيتهم خلال الأسبوعين الماضيين؛ إذ انكشف زيف شعاراتهم التي استباحوا بها البلد، وهي شعارات مواجهة إسرائيل.
أدوات إيران… وتوزيع الأدوار
لم يصدر أي رد من طرف الحوثيين على إعلان «البنتاغون» عن هذه العملية التي يعدها المتابعون مساعي إيرانية لإسقاط العتب عنها، أمام المطالب الشعبية بتنفيذ وعودها بمساعدة الفلسطينيين في مواجهة إسرائيل، وهي الشعارات التي تحارب تحتها في المنطقة.
أما الباحث السياسي صلاح علي صلاح، فيتوقع أن إيران ومحور المقاومة رتبوا أكثر من مستوى للتصعيد في المنطقة، فـ«حزب الله» والجماعة الحوثية وضعا شرطين مختلفين للدخول في المواجهة مع إسرائيل؛ فالأول اشترط إقدام إسرائيل على اقتحام غزة برياً، في حين ينتظر الحوثيون تدخل الولايات المتحدة في المواجهات بشكل مباشر، وهذا قد يشير إلى وجود عدد من الطبقات المنسقة للتصعيد.
وأشار إلى أنه لا يمكن الجزم بأن تكون هذه الهجمات الحوثية تستهدف إسرائيل؛ لأن «حزب الله» و«الحشد الشعبي» وغيرهما من الشركاء في المحور هم الأقرب لتنفيذ مثل هكذا عملية، وقد تكون القطع البحرية الأميركية هي هدف الضربة المعلن عنها من قبل الإدارة الأميركية.
ويميل إلى افتراض وجود تنسيق واضح بين الأطراف المنضوية تحت ما يسمى محور المقاومة، فبحسب ما أعلنه إعلاميون وناشطون تابعون لها؛ هناك مقاتلون حوثيون ومن «الحشد الشعبي» في العراق وصلوا فعلاً إلى لبنان، وأن هناك أنباء عن وجود عملية تسجيل لكشوفات تضم متطوعين لتقديم الخدمات الطبية إذا ما اشتعلت المعركة من جنوب لبنان.
ولا يجد صلاح تأثيراً كبيراً لهذه العملية على مساعي وجهود السلام في اليمن؛ لأن هذه الجهود متعثرة أساساً بوقوع هذه العملية أو من دونها، وقد جاءت المواجهات في غزة لتعقيد المشهد في المنطقة برمتها، بما في ذلك في اليمن.
وبدوره لا يتوقع أن يكون هناك رد فعل أميركي عسكري مباشر على الهجمات الحوثية إلا في حال حدوث مواجهة شاملة، أما الآن فإن الرد الأميركي سيقتصر على الإعلان عنها وإدانتها.