العرب اللندنية : الحوثيون يجهضون جهود السلام في اليمن
صنعاء – أعلنت هيئة التشاور والمصالحة التابعة لمجلس القيادة الرئاسي في اليمن، الثلاثاء، أن جهود السلام مع جماعة الحوثي “وصلت إلى طريق مسدود”، في مؤشر ينذر بعودة التصعيد العسكري بعد هدنة توسطت فيها الأمم المتحدة وقوى إقليمية ودولية لإفساح المجال للتفاوض.
وقال رئيس الهيئة محمد الغيثي خلال اجتماع لها عبر الإنترنت إن “جهود السلام التي يبذلها الإقليم قد وصلت إلى طريق مسدود، بسبب تعنت الميليشيات الحوثية”.
وتحدث الغيثي عن “تصعيد عسكري خطير وحشد تنفذه الميليشيات (الحوثيون) في مختلف الجبهات وخطوط التماس، بالتزامن مع تدهور اقتصادي وإنساني غير مسبوق ينبئ بكارثة حقيقية تستدعي معالجات استثنائية وعاجلة جدا”.
وشددت هيئة التشاور والمصالحة في الاجتماع “على ضرورة أن يضطلع مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والأشقاء في التحالف العربي بمسؤولياتهم تجاه ما يجري من تصعيد عسكري لميليشيات الحوثي”.
وأشارت إلى أن “الحوثيين لن يقبلوا بالسلام دون حزم وإجراءات رادعة لما يجري”.
محمد الغيثي: الحوثيون لن يقبلوا بالسلام دون حزم وإجراءات رادعة
والهيئة استحدثها مجلس القيادة في السابع من أبريل 2022 بإعلان رئاسي أصدره من العاصمة السعودية الرياض الرئيس اليمني آنذاك عبدربه منصور هادي، لـ”مساندة المجلس في مهامه وتحقيق تقارب بين المكونات السياسية والتشاور حول القضايا السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية”.
ودأب الحوثيون على استثمار فترات الهدنة السابقة والانخراط في مفاوضات السلام في التقاط الأنفاس والتحضير لجولة قتال جديدة مع الحكومة المعترف بها دوليا.
ويقول محللون إن إعلان هيئة التشاور والمصالحة وصول المفاوضات إلى طريق مسدود لم يكن مفاجئا بالنظر إلى التصعيد الحوثي على مختلف الجبهات، خاصة في عدن ومأرب، بما لا يتماشى مع شروط التهدئة والتفاوض.
ويواصل الحوثيون التحشيد والتمركز على مختلف الجبهات بانتظار استئناف القتال مع مواصلة شن حرب اقتصادية على الحكومة الشرعية أدت إلى المزيد من تضرر سكان المدن التابعة لها، ما دفعهم إلى الخروج في مظاهرات منددة بالسلوك الحوثي وغاضبة من تقصير حكومي تقول السلطات الشرعية إنه نتاج لحصار الحوثيين الاقتصادي.
وشهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن ومدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت تظاهرات شعبية احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية وانعدام الخدمات وفي مقدمة ذلك الكهرباء، بالتوازي مع حالة من التوتر السياسي والإعلامي التي تخيم على معسكر الشرعية في اليمن.
وتأتي موجة الاحتجاجات الشعبية في الوقت الذي تواصل فيه العملة اليمنية (الريال) التراجع أمام العملات الأخرى، في مؤشر على تفاقم حالة الانهيار الاقتصادي التي تسببت بها الإجراءات الحوثية التي تستهدف القطاع الاقتصادي والمالي في المناطق المحررة.
واتهم البنك المركزي في عدن الأسبوع الماضي الحوثيين بالوقوف خلف الحرب الاقتصادية التي تشهدها مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا.
ويرفض الحوثيون رفع الحصار عن تعز وفتح الطرق الرئيسية ويقترحون بدل ذلك فتح طرق فرعية وجبلية للتنفيس عن المدينة المنكوبة اقتصاديا واجتماعيا، وهو ما ترفضه الحكومة الشرعية والمواطنون.
جماعة الحوثي لا تزال متمسكة بالحصار رغم قبولها الدخول في مفاوضات مع الحكومة الشرعية برعاية أممية
ولا تزال جماعة الحوثي متمسكة بالحصار رغم قبولها الدخول في مفاوضات مع الحكومة الشرعية برعاية أممية، فيما يقول مراقبون إن الجماعة تسعى من خلال حصار تعز لتحصيل مكاسب سياسية لا يتاح لها الحصول عليها عسكريا.
ويرى رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث عبدالسلام محمد أن مشكلة اليمن أكثر تعقيدا مما يُنظر إليها حاليا، على أن هدنة أو توقف الحرب سيذهب بالبلاد إلى عملية سلام مستدام، ويرجع السبب إلى أن مشكلة اليمن “متداخلة ومعقدة، خليط من مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وفكرية”.
ويؤكد محمد أن هذه المشاكل تحتاج وقتا طويلا جداً لبناء السلام، وأن ذلك لا بد أن يأتي مع استعادة الدولة وبنائها.
ويعتقد أن هذه الفترة هي فترة تهدئة قد تعود بعدها الحرب وقد لا تعود، وإذا عادت لا بد من طرف يحسمها بشكل جزئي بالسيطرة على الثروات ونقاط القوة، مثل محاولة الحوثي للسيطرة على مأرب والمخا وباب المندب، أو سعي الحكومة لاستعادة صنعاء، أو يحسمها بشكل كامل.
لكنه يقول إن هذه تظل احتمالات في فشل الهدنة، باستمرار الحرب وتصاعدها، أما العمل على تحقيق عملية سلام مستدام في ظل هذا الوضع القائم، فهو بنظره “لا يحقق أي نتائج سلام، ولا يمكن أن يحدث أكثر من تهدئة”.
ويعاني اليمن حربا بدأت عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدة محافظات نهاية 2014، بإسناد من قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي قتل في 2017 بمواجهات مع مسلحي الجماعة إثر انتهاء التحالف بينهما.
وازداد النزاع منذ مارس 2015، بعد أن تدخل تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية لإسناد قوات الحكومة الشرعية في مواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.
لكن عودة العلاقات السعودية – الإيرانية التي أعلن عنها في الخامس والعشرين من أبريل الماضي، منحت الأزمة اليمنية دفعة إيجابية بحيث انتعشت التوقعات بأن ينعكس ذلك إيجابا على قرب إنهاء الحرب الدائرة في البلاد.