تحليل – الجنوب يربط قضيته مع صناع القرار السياسي الدولي
من خلال الوقوف على المباحثات واللقاءات التي اجراها الرئيس عيدروس الزبيدي مع عدد من المسؤولين الدوليين وممثلي دول العالم المشاركين في الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، نجد ان المجلس الانتقالي ومن خلال الرئيس القائد وفريق العمل الخارجي، قد أستطاع وبجدارة، بل وبسرعة لم يكن يتوقعها الأعداء، في ربط الجنوب وقضيته بالإتصال المباشر مع صناع القرار السياسي في العالم.
هو إنجاز لايمكن لمراقب التقليل من أهميته وثره، إلا ان كان هدفه يتماشى ويتماهى، بصد او بدون قصد، مع أهداف وغايات اطراف معروفة بموقفها المعادي للجنوب ومجلسه الإنتقالي، وهذه الأطراف ومن خلال سبر اغوار ردود فعلها، نجد وبجلاء انها في حالة صدمة لم تتعافى منها، طالما والرئيس القائد عيدروس الزبيدي والوفد المرافق له يواصل لقاءاته ومباحثاته مع مسؤوليين أممين وممثلي دول العالم داخل مبنى الامم المتحدة.
في سياق التلاوم القائم فيما بينهم، يقر أعداء الجنوب ان المجلس الانتقالي الجنوبي، قد جاوز قضية الجنوب، اسوارهم التي صنعوها على مدى عقدين ونيف لعزلها عن محيطها وعمقها العربي والعالم ، وأطلق لها العنان الحر في آفاق واسعة، وسيقرون عما قريب، ان الرئيس القائد عيدروس الزبيدي ومن خلال مشاركته في الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة وما سيتلوها من برنامج عمل مع الإدارة الأمريكية ، قد تمكن من إيصال قضية الجنوب الى الطاولة السياسية للأسرة الدولية، وكذا إحداث تأثيراً و تفهماً غير عاطفي، بل واقعي قائم على عدالة القضية، ومبني على حقائق تاريخية ومعاصرة تؤكد إن حل قضية الجنوب والإقرار بحق شعب الجنوب في تقرير مصيره وإستعادة دولته المدخل الآمن لسلام حقيقي ومستدام.
في كل ثورات التحرر الوطني التي شهدها العالم في القرن الماضي
تطلبت مرحلتها الأخيرة، جهداً أكبر وصبر اطول، إذ ليس من السهل إحراز تفهم لأهداف وغايات هذه الثورة او تلك، ومن ثم حشد الدعم والتأييد الدولي لها، في ظرف يحدده العنفوان الثوري في الداخل، وهذا ما يجب ان نتفهمه ونعيه.
الملاحظ ان الرئيس القائد وفي لقاءاته مع ممثلي الدول سواءً رؤساء او وزراء وسفراء، يطرح ما يصوب الرؤى الدولية حول طبيعة الصراع والعناصر الموضوعية لإحلال السلام ومستقبل المنطقة والجنوب كدولة، كان لها عضويتها في الأمم المتحدة وكل الهيئات الدولية، وبسبب احتلالها وغزوها بفتوى تكفيرية في حرب صيف 1994 م افتقدت المنطقة احد أهم أعمدت السلام والإستقرار.
كما يحرص الرئيس القائد في تلك اللقاءات والمباحثات، تقديم رسائل للمجتمع الدولي وللداخل الجنوبي، ان هناك تجارب حديثة لتقرير مصير شعوب داخل اوروبا وإنشاء دول على خلفية نزاعات داخلية، وهو يعزز حق شعب الجنوب ليس في تقرير مصيره، بل في فك ارتباط دولته مع الجمهورية العربية اليمنية.
وفي هذا السياق، التقى الرئيس ليلة امس برئيسة جمهورية كوسوفو، وقال في تغريدة على منصة إكس ” تشرفت مساء اليوم بلقاء فخامة فيوزا عثماني سادريو رئيسة جمهورية كوسوفو.. لقاء إيجابي اطلعت من خلاله على التجربة الفريدة لجمهورية كوسوفو في نضالها نحو تحقيق السلام وبناء الدولة، تلك التجربة الملهمة تحققت من خلال منح الشعب الكوسوفي حقه في تقرير مصيره.
وتقع جمهورية كوسوفوا في منطقة البلقان جنوب شرق أوروبا، ثار أهلها الألبان على قرار إلغاء حكم كوسوفو الذاتي، مما تسبب بحرب داخل البلاد مع صربيا، ونظراً لإرتكاب الصرب مجازر مروعة بحق الكوسوفيين اجبرت.
منظمة حلف الشمال الأطلسي (الناتو) على شن هجوم على صربيا والجبل الأسود والتي استمرت 78 يومًا لوقف الحرب في كوسوفو. في عام 1999، بناءً على قرار أصدره مجلس الأمن الدولي قامت الأمم المتحدة بإرسال بعثة لإدارة محافظة كوسوفو. بتاريخ 17 فبراير 2008، أعلن البرلمان في كوسوفو استقلال «جمهورية كوسوفو» وبناءً على إتفاق بروكسل تقوم صربيا بتطبيع علاقاتها مع كوسوفو، لكنها لا تعترف باستقلالها بشكل رسمي.
تجربة كوسوفوا انها اعلنت اعلان احادي الجانب في استقلالها
في 17 فبراير/شباط 2008، واعترفت بها قرابة 100 دولة، منها الولايات المتحدة، مع امتناع صربيا وروسيا، ودول أخرى، وتم الإعتراف باستقلالها جمهورية كوسوفو من قبل 97 دولة عضو في الأمم المتحدة وعضو في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، الإتحاد الدولي للطرق النقل، مجلس التعاون الإقليمي، مجلس مصرف التنمية الأوروبي، البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، بالإضافة إلى 22 من 27 دولة من دول الإتحاد الأوروبي.
وإذا عدنا الى الحرب التي شنتها صربيا على البان كوسوفو مرتكبة جرائم حرب مروعة ، سنجد ان القوى اليمنية المتطرفة كجماعة الإخوان المسلمين، قد استغلت تلك الحرب في التحريض والتجييش الديني الجهادي ضد الجنوب ، على الاعتبار ان الجنوب معقل من معاقل الشوعية الكافرة الالحادية كنظام صربيا الشيوعي وقتذاك، وكانت جماعة الاخوان تنظم ندوات وفعاليات شعبية داخل المعاهد العلمية الاسلامية والمساجد لعرض افلام من جرائم النظام الصربي بحق الكوسوفيين ، وبعد تخدير عقول عامة الناس وتهييجها ، يتم تعبئتهم للإستعداد للجهاد ضد الشوعية في عدن .. بالطبع لا ننسى إنشاد تلك الجماعة الجهادي المتطرف (في البوسنا اعداء الخير ،، هتكوا الاعراض وداسوها والناس نيام) وكذا انشودة (الجماجم) التي تقول / لبيك اسلام البطولة/ كلنا نفدي الحمى/ لبيك واجعل من /جماجمنا لعزك سلما/لبيك ان عطش اللواء/ سكب الشباب له الدماء، حيث كانت افيون نشوء الإرهاب الموجه ضد الجنوب.
لم ينته أثر هذه التعبئة الجهادية، لأن ذات الجهاد اليمني الذي ارتكب ومازال بحق شعب الجنوب جرائم تفوق بأضعاف جرائم النضام الصربي بحق الكوسوفيين، قد تحول الى إرهاب مؤطر في تنظيمات وبمسميات عدة أبرزها تنظيم القاعدة.
وفي المجمل، الحق والتاريخ حين يجتمعان ، يسقط الباطل وتتكشف مآلات وحقائق هي عبرة للأجيال والشعوب، ففي حين استغلت قوى الإحتلال اليمني الجهادية التكفيرية كوسوفو الثورة، لم تدرك ان كوسوفو الجمهورية الدولة المستقلة ستكون التجربة الملهمة لحسم شعب الجنوب ثورته واستعادة دولته.
المصدر