ساعة في حضرة المحافظ “لملس”
كتب / غازي العلوي :
ذات يوم من أواخر شهر يناير الفارط ساقتني قدماي برفقة رئيس تنفيذية انتقالي لحج الأستاذ وضاح الحالمي إلى منزل وزير الدولة محافظ العاصمة عدن الأستاذ أحمد حامد لملس، وهي المرة الأولى التي أذهب فيها إلى منزله، وهناك وبالصدفة وكما قيل “صدفة ويا محلى الصدف” التقيت رفيق الكلمة والنضال الزميل عدنان الأعجم رئيس تحرير الأمناء وجهًا لوجه بعد فراق لأكثر من ثلاث سنوات رغم أن التواصل بيننا يوميًا ولكن عبر الواتس.
لم تمضِ سوى دقائق ونحن نتبادل الحديث أنا والأعجم حتى وصل المحافظ لملس من العمل، وكانت الساعة تشير إلى الواحدة والنصف تقريبا، وقبل أن يأخذ قسطًا من الراحة أو يقوم بتغيير ملابس العمل دخل لتحية كل من في الديوان واحدًا واحدًا، ثم نادى على أحد موظفيه في المنزل وأعطاه الإذن بتجهيز سفرة الغداء وكنا أنا والأستاذ وضاح الحالمي قد بدأنا بتناول القات لكوننا قد تناولنا الغداء مبكرا قبل مجيئنا إلى منزل المحافظ لملس.
أصر المحافظ لملس والزميل الأعجم علينا بضرورة القيام لتناول الغداء، نهضت أنا وبقي الأستاذ وضاح الحالمي في الديوان، واتجهنا إلى الديوان المخصص لتناول الغداء، وعندها أصر المحافظ لملس أن أجلس بجانبه لتناول الغداء معه وعلى سفرته، وكانت فرصة لتبادل الحديث مع الرجل حول الكثير من المواضيع بمجالات عدة، وكان ملمًا بكل ما يدور على الساحة، ووجدت في الرجل حنكةً سياسيةً قلما تجدها في بعض المسؤولين، غير أن ثمة من يتعمد إفشاله ووضع العراقيل أمامه لتشويه صورته وإثارة الشارع عليه وعلى قيادة العاصمة عدن.
لم تمضِ سوى دقائق معدودة منذ بدأ الرجل يتعاطى بعض وريقات القات ويتبادل الأحاديث الودية مع من حوله من الحاضرين في مجلسه إلا وإذا بي أشاهد العديد من الشخصيات البعض قيادية والأخرى مجتمعية من لحج وأبين وحضرموت والضالع ومن العديد من مناطق الجنوب يدخلون إلى المجلس واحدًا تلو الآخر يحملون ملفاتهم وقضاياهم لعرضها على المحافظ لملس للإسهام في معالجتها.
شاهدت الرجل تارةً يرد على سماعة الهاتف الأرضي ويخوض في نقاش لمعالجة مشكلة من المشاكل، وتارة يرد على استفسارات الحراسات الأمنية التي تخبره بفلان أتى لمقابلتك ويريد الدخول، وتارة ينصت باهتمام إلى شكاوى من حضروا إلى مجلسه ويقوم فورًا إما برفع سماعة الهاتف للتواصل مع الجهات المعنية أو تحرير مذكرة رسمية.
لم يقف عمل المحافظ لملس عند التوجيهات الرسمية التي يصدرها في تلك الأثناء بل إنه يقوم بمحاولة تقريب وجهات النظر بين الكثير من القيادات والمسؤولين ليس في العاصمة عدن بل في محافظات أخرى.
مضت ساعة من الزمن والرجل على هذا المنوال يستمع لهذا ويعالج قضية ذاك ويتواصل مع الجهة الفلانية ويرد على المسؤول الفلاني، عندها لم أتمالك نفسي حتى همست في أذن عدنان الأعجم: “متى يرتاح هذا الرجل؟ وهل هو مسؤول على عدن أم على الجنوب كله؟” فأجابني بأنه على هذا المنوال كل يوم منذ أن يقعد في مجلسه في العصر حتى بعد صلاة العشاء!
لله درك يا أبا محمد! فقد أيقنت خلال ساعة من الزمن بأنك رجل دولة بحق وحقيق وتحمل هم وطن في قلبك، لا يهمك راحتك وصحتك بقدر ما يهمك معالجة القضايا والمشاكل التي تصلك بقدر المستطاع وبالإمكانيات المتاحة لديك، ورغم مشاغلك والإجهاد البادي على وجهك إلا أن ابتسامتك لم تفارق محياك، وتواضعك للجميع وحرصك على نجاح مساعيك لأي مشكلة كان واضحا، وهي سر من أسرار نجاحك.