المقالات

أزمة حقيقة أم مفتعلة؟


انهيار سعر الصرف للعملة المحلية (الريال اليمني) وأساليب ادارتها
تواصل العملة اليمنية انهيارها مقابل العملات الأجنبية إلى مستويات مخيفة، في ظل انعدام أي حلول جذرية من قبل الحكومة الشرعية للبلاد، بالإضافة إلى ظهور أزمة أخرى تتمثل في قيمتين مختلفتين للطبعات الجديدة والقديمة من العملة المحلية، وارتفاع رسوم الحوالات المالية من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية إلى المحافظات التي تسيطر عليها جماعة الحوثي إلى أكثر من 70%، بسبب منع الحوثيين تداول الطبعات الجديدة من العملة في مناطق سيطرتهم، التي يتركز فيها معظم سكان البلاد، وهناك العديد من العوامل التي أدت إلى هذا الانهيار المخيف في سعر العملة المحلية، وتتشارك مختلف أطراف الصراع المحلية والأجنبية في حدوث ذلك، مع تفاوت في نسبة التسبب بذلك الانهيار أما ما يتم من إجراءات من قبل البنك المركزي في عدن للحد من انهيار العملة فإنها تزيد من الطين بله، ولا ترقى حتى إلى ما يمكن وصفها بالحلول الترقيعية.
وبناء على ما سبق يكمن السؤال الجوهري على النحو التالي:
•هل تدهور سعر الصرف يعود سببه الى نقص العرض من العملات الأجنبية؟ ام زيادة الطلب على من العملات الأجنبية؟ سيتم الرد على السؤال فيما بعد، ومن المعروف ان العملة تنهار امام العملات الأجنبية لسببين مرادفين وهما:
– زيادة الطلب على العملات الأجنبية.
-قلة المعروض من تلك العملات الأجنبية.
علية نستطيع القول ان وهناك ثلاث أسباب رئيسية لانهيار سعر صرف العملة المحلية (الريال اليمني) وذلك على النحو التالي:
•العجز في الميزان التجاري
الاختلال الكبير للميزان التجاري على هيئة عجز الصادرات ان تكافئ حجم الواردات، حيث أصبح العجز يمثل ثقب اسود يبتلع الاحتياطيات للعملات الأجنبية.
أي ان: أصبح الطلب على العملات الأجنبية مرتفعاً بينما العرض اقتصر على تحويلات المغتربين أو التمويلات الأجنبية للمساعدات والمنح للمنظمات الدولية العاملة في اليمن.
•توقف النشاط في القطاع النفطي
توقف الإنتاج النفطي ساهم في ضياع فرص كبيرة من موارد ضخمة من العملات الأجنبية، حيث يعتبر مثلث إيرادات النفط من أكبر المصادر لعرض العملات الأجنبية في اليمن.
•اقتصاد غير انتاجي
ان التدهور الكبير في القطاعات الإنتاجية جعل الاقتصاد اليمني اقتصاد ريعي قائم على الخدمات والموارد الطبيعية.
أي ان: أصبح الاقتصاد يعتمد على الواردات الخارجية مما شكل ضعفاً على طلب العملات الأجنبية داخل البلد
ومن خلال معرفتنا الأسباب الرئيسية لانهيار سعر صرف العملة المحلية (الريال اليمني) سيتم الرد على السؤال المطروح في الاعلى وذلك على النحو التالي:
نلاحظ ان عجز الميزان التجاري وتوقف النشاط في القطاع النفطي والاقتصاد غير الإنتاجي، ليس بسبب نقص العرض من العملات الأجنبية، بل على العكس زيادة الطلب على العملات الأجنبية، نتيجة انهيار الثقة بالجهاز المصري بشكل عام والبنك المركزي بشكل خاص وذلك يعود الى التالي:
1-فشل السياسة المالية والسياسة النقدية في المناطق المحررة (فشل الدولة من ادارتها).
2- الحرب مع الانقلابيين واثارها المستدامة منذ عام 2015م الى عام 2023م.
3-الانقسام النقدي للبنك المركزي اليمني – عدن.
4-الافراط في اصدار وطبع عملة الريال اليمني الفئة الجديدة خلال السبع سنوات الأخيرة (2017م-2023م)، يصل ضعفي ما تم اصدارة خلال خمسة وخمسون عام سابقة للشطرين الجنوب والشمال، أي خلال الفترة من بداية (عام 1963م وحتى نهاية عام 2016م).
5-ضخامة حجم العرض النقدي من عملة (الريال اليمني الفئة الجديدة)، الذي ارتفع من (1.3 ترليون ريال يمني) نهاية عام 2014م الى (11.8 ترليون ريال يمني) نهاية 2023م وتحديداً شهر نوفمبر، ذهب منها ما يقارب (7.9 ترليون ريال يمني) لتغطية العجز في الميزان التجاري للدولة (الذي بلغت نسبته في بعض الأعوام الى 96% من نفقات الحكومة).
أساليب إدارة انهيار سعر الصرف للعملة المحلية (الريال اليمني)
للحد من تدهور العملة المحلية (الريال اليمني) مقابل العملات الأجنبية يجب اتباع التالي:
1- سحب عملة (الريال الجديدة) من السوق المحلي
2-ضخ عمله قديمة موحده (حجم كبير).
ومع ضخ العملة القديمة للسوق سوف يزيد العرض النقدي وذلك بسبب تخوف الناس وتلاعب وتحايل البعض وهذا سوف يسبب ارتفاع بسعر صرف الدولار مقابل الريال اليمني، (هنا سوف يكون سعر صرف الدولار 600 ريال يمني).
وللحفاظ على بقاء سعر الدولار بمعدل متوسط 600 ريال مقابل الدولار الواحد يجب على البنك المركزي اليمني – عدن تقليص العرض النقدي في السوق من خلال رفع معدل الفائدة على الودائع وهذا سوف يسبب استقرار نسبي بسعر الصرف. لذلك هم خطوتين لا ثالث لهما
الخطوة الأولى: سحب العملة الجديدة وضخ عملة قديمة اي توحيد العملة المحلية كما كان في السابق.
الخطوة الثانية: رفع معدل الفائدة على الودائع في البنوك ومن هنا سوف يتجه الناس للادخار في البنوك بدل اكتناز الأموال في منازلهم وبحوزتهم.
وعلية سوف يتقلص العرض النقدي في السوق والذي سوف ينتج عن هذي الخطوتين استقرار نسبي لسعر صرف الدولار.
ويجب أن يتلى هذي الخطوتين التالي:
أولا: تعديل المنشور الدوري الصادر من قبل المركزي اليمني بشأن رأس مال ورسوم تراخيص شركات ومنشئات الصرافة وضمانتها وواجبتها وجزاءات عدد من مخالفاتها على النحو التالي:
•يتم رفع سقوف التأمين على شركات ومنشئات الصرافة الى 5 مليار ريال يمني على ان تدفع بما يعادلها بعملة الدولار الأمريكي وبسعر صرف في حينة.
•السماح بأخذ مبالغ التامين النقدي على شركات ومنشئات الصرافة بالعملات الأجنبية (دولار امريكي) بدل الريال اليمني حتى لا يكون مخالفا للقانون.
تانياً: اتباع الخطوات التالية:
1- الدفع بعملية التنمية.
2-تصدير النفط والغاز.
3-تجفيف منابع تهريب النقد الأجنبي.
4-وجود إدارة ماليه رشيدة.
5-خطط استراتيجيه لإنعاش الاقتصاد الوطني.
هذا سوف يسبب تعافي على المدى الطويل وسوف يعمل على زيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي وهذا سوف يساعد في استقرار سعر الصرف وتعافيه بشكل أكبر مع الوقت.

رئيس قسم إدارة مخاطر السوق
دائرة إدارة المخاطر المصرفية



المصدر

جوجل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى