العرب اللندنية : حزمة سلام متكاملة تضعها واشنطن أمام الرياض: التطبيع مع إسرائيل وتسهيل الخروج من اليمن
لكنّ مراقبين قالوا إنهما مترابطان، متوقّعين أن تكون واشنطن قد وضعت الملفين في حزمة واحدة تعرضها على السعودية على أن يتم أخذها كما هي أو تركها كاملة، وذلك في إطار صفقة تقوم على تسهيل الخروج الآمن للمملكة من حرب اليمن التي طال أمدها أكثر من المتوقّع والسماح لها بالتقارب مع إيران وبالنتيجة مع وكلائها الحوثيين في مقابل إنهاء التردّد السعودي إزاء إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، ما سيمثّل إنجازا كبيرا يحسب في رصيد إدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن ويساعد الديمقراطيين كثيرا في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
وأعلن البيت الأبيض وجود وفد أميركي في السعودية لبحث مجموعة واسعة من القضايا الإقليمية أبرزها تطبيع العلاقات مع إسرائيل والحرب في اليمن.
وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان في إفادة صحفية إن مبعوث الإدارة الأميركية إلى الشرق الأوسط بريت ماكغورك ومساعدة وزير الخارجية باربرا ليف انضما إلى المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، الموجود حاليا في الرياض.
وعلّق متابعون لملف العلاقات السعودية – الأميركية بأن عدد أعضاء الوفد وتركيبته يحيلان إلى حملة دبلوماسية جادة لتحقيق تقدّم في الملفّين المذكورين وربّما حسمهما بشكل نهائي.
واعتبر هؤلاء أن ما يمكن أن يساعد الإدارة الأميركية في مسعاها هو تجاوب السعودية من منطلق أن لها مصلحة في الخروج من الحرب اليمنية والتخلّص من العبء الثقيل السياسي والمالي والأمني الذي ترتّب عليها، تماما مثل مصلحتها في التهدئة مع الجارة المثيرة للقلاقل إيران التي لا تمتلك المملكة أوهاما بشأن إقامة علاقات ذات بعد إستراتيجي معها لكنّ تجد مصلحة في مهادنتها وشراء السلام معها ولو كان باردا.
وعن علاقة الولايات المتّحدة بملف المصالحة الإيرانية – السعودية والمرتبط وثيقا بإنهاء الحرب في اليمن، استبعد هؤلاء أن تكون الرياض قد تحرّكت صوب طهران دون أن تكون قد حصلت على ضوء أخضر أو على الأقل موافقة ضمنية من واشنطن الحليفة التقليدية لها التي لا تزال تجمعها بها علاقات ومصالح سياسية واقتصادية وأمنية واسعة رغم ما طرأ على هذه العلاقات من فتور نسبي خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن.
ورغم ما أورده الإعلام الإسرائيلي مطلع هذا الأسبوع بشأن رفض السعودية منح تأشيرة دخول إلى أراضيها لوزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين ووزير التربية والتعليم يوآف كيش للمشاركة في مؤتمر اليونيسكو الذي سيُعقد الأسبوع المقبل في الرياض، أكدت مصادر أنّ الجانب الإسرائيلي هو من تراجع تلقائيا عن إيفاد الوزيرين بعد أن استحصل دعوة لهما إلى المؤتمر، وبعد أن أبلغ الأميركيون مسؤولين كبارا في إسرائيل بأنه بسبب التقدّم في الاتصالات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية بشأن التطبيع يُستحسن التخلي عن المطالبة بدخول كوهين وكيش إلى أراضي السعودية بهدف عدم التشويش على تلك الاتّصالات.
وعن زيارة الوفد الأميركي إلى السعودية أوضح سوليفان أن الفريق موجود حاليا في الرياض لمناقشة مساعي التطبيع مع إسرائيل إضافة إلى مجموعة أوسع من القضايا الإقليمية بما في ذلك الحرب المستمرة في اليمن.
وقال سوليفان إن الولايات المتحدة تسعى إلى تعميق الهدنة القائمة في اليمن منذ ما يقرب من عامين والتوصل إلى سلام دائم هناك.
وأضاف أن بريت ماكغورك سيجتمع لاحقا مع ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ويتحدث مع الفلسطينيين حول مجموعة من القضايا تتعلق بالملف الإسرائيلي – الفلسطيني، مؤكّدا أن “التطبيع سيكون أحد المواضيع المدرجة على جدول الأعمال”.
ولن يخلو تطبيع العلاقات مع إسرائيل من مصالح حيوية للمملكة العربية السعودية اقتصادية وأمنية؛ خصوصا وقد تحوّل قيام علاقات طبيعية لإسرائيل مع الدول العربية، التي من ضمنها دول المحيط الخليجي القريب، إلى أمر واقع وبدأ يؤتي ثمارا.
ولا تريد السعودية بطاقم حكمها الحالي الطامح للتغيير واللحاق بالمنجزات الكبيرة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا التي تحققت لبعض جيرانها الأقربين، أن تتخلّف عن تلك الدول في بنائها شبكة علاقات هادئة ومستقرة ومثمرة والتي لا تستثني إسرائيل التي فرضت نفسها لاعبا مهما في المجالات الاقتصادية وخصوصا المجالات التكنولوجية والعلمية، فضلا عن نفوذها الكبير في دوائر الحكم بالولايات المتحدة القائدة للنظام العالمي عبر مجموعات الضغط الموالية لتل أبيب.
ومن هذا المنظور يتوقّع مراقبون أنّ تطبيع العلاقات السعودية – الإسرائيلية مسألة وقت وأن الرياض لا تملك ترف رفض ما تعرضه عليها واشنطن.